وجهة النظر حسب راباتال



د. عاشور فني

هذه سلسلة من المقالات في موضوعات الخطاب وتحليله من وجهة النظر ما بعد الكولونيالية من منطلق نقد الخطاب ما بعد الكولونيالي وبالاستناد إلى النقد الموضوعاتي مع توظيف مفهوم وجهة النظر.

تحيل وجهة النظر إلى مجال البصريات وهي تشير الزاوية التي ينظر منها الناظر إلى مشهد معين. وتطلق في فن الرسم والتصوير على المنظور الذي تظهر فيه المشاهد.
وفي العمل الأدبي تأخذ "وجهة النظر" معنى محددا يتعلق برؤية الكاتب أو الراوي أو البطل. ويكمن أن تتجلى وجهة النظر من خلال الكلمات والألفاظ أو الأوصاف.
أ-مفهوم وجهة النظر حسب آلان راباتال
تناول العديد من الباحثين موضوع رؤية الراوي في السرد وتقديمه لما يراه من وجهة نظره. فهذه الرؤسة التي يقدمه هي الإدراكات التي تصل إلى القارئ والدارس وتؤثر فيه. وقد تعددت النظريات في هذا المجال وسنكتفي منها بمفهوم ووجهة النظر التي قدمها الباحث ألان راباتال.
يعرف آلان راباتال وجهة النظر كما يلي:
"تعني وجهة النظر الطريقة التي ينظر بها أحد الفاعلين إلى موضوع ما، بكل المعاني التي يتضمنها الفعل "ينظر"، سواء كان الموضوع موضوعا ماديا أو لغويا. أما الفاعل، القائم بالإحالة إلى الموضوع، فيعبر عن وجهة نظره سواء بطريقة مباشرة، بتعليقات صريحة، أو بطريقة غير مباشرة، بواسطة الإحالة، أي من خلال اختيارات الانتخاب أو التوفيق أو تحيين المادة الألسنية، وهذا في كل الأوضاع، انطلاقا من الاختيارات الأكثر ذاتية إلى الاختيارات الأكثر موضوعية ظاهريا، ومن العلامات الأكثر وضوحا حتى العلامات القرائن الأقل تلميحا"[1]
Le PDV correspond à la façon dont un sujet envisage un objet, à tous les sens du terme « envisager », que l’objet soit un objet concret ou un objet langagier. Quant au sujet, responsable de la référenciation de l’objet, il exprime son PDV soit directement, par des commentaires explicites, soit indirectement, par la référenciation, c’est-à-dire à travers les choix de sélection, de combinaison, d’actualisation du matériau linguistique, et ce dans tous les cas de figure, depuis les choix les plus subjectifs jusqu’aux choix apparemment les plus objectivants, depuis les marques les plus explicites jusqu’aux indices les plus implicites.

ترتبط وجهة النظر لدى راباتال بما يطلق عليه "عملية التبئير" (Focalisation ) أي طريقة التركيز على الموضوعات المرئية في عملية السرد. فالرؤية هي بمثابة الصوت السردي.  فراباتال يرفض الفصل بين الرؤية (من يرى) والتلفظ (من يتكلم). فمن يرى هو من يتكلم. ويعطي أهمية للرائي والمرئي معا فالمبئـِّر والمبـَّأَّر، كلاهما، مهمان. ويرفض رباتال أيضا  الرؤية من خارج في غياب عون تلفظ مصرّح به لأنه  "يكفي وجود أشياء مدرَكة حتى نستنتج باستدلال اقتضائي (Inférence présupposutionnelle) أنً هذه الإداركات الممثلة تحيل جميعها إلى الراوي"[2].

ب-تصنيفات راباتال لوجهات النظر
يميز آلان راباتيل بين عدة أصناف من وجهات النظر:
وجهة النظر الممثلة (Point de vue représenté )
وجهة النظر المروية( Point de vue racfonté)
وجهة النظر المثبتة[3] (Point de vue asserté )
ويقوم هذا التصنيف استنادا إلى مقولة الفصل التلفظي بين بداية عملية التبئير ونهايتها. وهو ما يسميه تعيين حدود وجهة النظر (Bornage du point de vue). هذا التعيين يساعد على التمييز بين وجهات النظر المختلفة في تتابعها.
ففي وجهة النظر الممثلة يتولى الراوي المتكلم نقل الإدراك الممثل مع وضع علامة  الفصل الأولى  حيث يتولى هذا الراوي المتكلم من خلال علامة البداية، تنبيه القارئ إلى وجود وجهة نظر وبنسبتها إلى ذاتها المتلفظة دون أنّ نلمس تدخلا منه واضحاً في النفاذ إلى وعي هذه الذات. فالراوي من وجهة النظر هذه يعتبر راويا من الخلف وتبئيره للشخصيات تبئيرا من الدرجة الصفر فهو مطلع على أعماق الشخصيات وعلى أحلامها وهواجسها. "أما في وجهة النظر المثبتة فإنً وجهة النظر تنسب إلى الراوي الذي يتولى سرد الإدراكات والأفكار المتصلة بالشخصية مع اعتماد فصل تلفظي واضح وجليّ بينه وبين هذه الشخصية.[4]"



[1] Rabatel Alain. Perspective et point de vue. In: Communications, 85, 2009. L’homme a-t-il encore une perspective ? pp. 23-35.
[2]الدويبي( صابرة وجهة النظر في رواية "اللص والكلاب"، ص11. انظر:
 Gezira Journal of Educational Sciences and Humanities, ISSN 9556-1728 Vol 11 No 1

[3] الدويبي( صابرة نفسه، ص 12.

[4]  الدويبي، نفسه ص 13.

ساهم في نشر الموضوع و لك جزيل الشكر!



Digg Technorati del.icio.us Stumbleupon Reddit Facebook Twitter